أريحا: قام رئيس سلطة المياه م. مازن غنيم اليوم بإعطاء محاضرة تحت عنوان الأمن المائي العربي وانعكاساته على الأمن القومي العربي " ، والتي استهدفت كبار الضباط في هيئة التدريب العسكري لقوى الأمن ضمن دورته الواحدة والعشرون، وذلك بدعوة من الركن محمود هارون.
هذا وتركزت مواضيع المحاضرة حول الواقع المائي الحالي والتوقعات المستقبلية، تأثير التغير المناخي، الواقع الجيوسياسي ، المياه المشتركة وتزايد الأطماع الإسرائيلية بالمياه العربية الى جانب تأثير الأمن المائي على الأمن القومي.
واستهل م. غنيم حديثه باستعراض مجموعة من الحقائق حول الواقع العربي تتمثل بأن هناك 21 دولة تعاني من ظروف الإجهاد و الفقر المائي، أي ما يقارب من 362 مليون شخص من أصل 420 مليون. كذلك ارتفاع معدل الزيادة السكانية، الذي يبلغ 2.3% سنويا، وهو ضعف معدل متوسط الزيادة السكانية على مستوى العالم. بالإضافة الى تدني إنتاجية وحدة المياه في الوطن العربي، بسبب عدم كفاءة استخدام المياه العربية . كما أشار الى انخفاض الإنتاجية الزراعية في الوطن العربي إلى 60% جراء نضوب الموارد المائية المتجددة حسب إحصائيات البنك الدولي، حيث ستبلغ نسبة العجز الغذائي في المنطقة العربية الى ما يقارب 50%و في 2050 سيصل الى 82% وفق التقارير الدولية.
مضيفا فيما يتعلق بالشق المائي ان الوضع الحالي غير مبشر فاليوم نجد ان نصيب الفرد من المياه العذبة في المنطقة العربية يبلغ 800 متر مكعب سنويا ويتناقص مع حلول العام 2025 ليصل الى 667 مليون متر مكعب ، منا أفاد تقرير الموارد العالمي انه بحلول 2040 ستواجه 13 دولة عربية مخاطر الوقوع تحت خط الفقر المائي الشديد.
وأشار المهندس غنيم في محاضرته الى أن الدول العربية من أكثر الأقاليم تأثرا بالمناخ حيث من المتوقع أن يسفر عن تغير المناخ انخفاض ارتفاع في درجات الحرارة ومعدلات هطول الأمطار بنسبة 20% وزيادة معدلات التبخر والفياضانات، كما أن التغير المناخي في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيؤدي إلى انخفاض توفر المياه العذبة بنسبة تصل إلى 15 في المائة في العقود المقبلة كما حذّرت منه التقارير الدولية مما سيؤدي الى قيود شديدة على الزراعة، والاستخدام البشري في منطقة تعاني من ندرة المياه، وزيادة الهجرة الجماعية، وكذلك زيادة احتمال الصراعات الممكنة بين الشعوب
وأوضح م. غنيم حديثه ان أكثر من 60% من موارد الدول العربية المائية تنبع من خارج حدودها، وهناك عدم الالتزام بالاتفاقيات والقوانين الدولية، حيث ان دول المصب أو المنبع تسمح لنفسها باستغلال الموارد المائية المشتركة على حساب الدول العربية المشاطئة.
هذا عدا عن الأطماع الإسرائيلية بالمياه العربية فهي تسيطر على المصادر المائية الفلسطينية، الجولان السوري المحتل، والجنوب اللبناني المحتل وكذلك الأطماع في المياه العربية خارج الأراضي المحتلة (حدود اسرائيل من النيل إلى الفرات.(
كما تطرق م. غنيم الى أشكال ضغوطات المياه على السياسة في المنطقة موضحاُ أن البنية التحتية للمياه تتعرض للاستهداف المباشر في أثناء الصراعات الدائرة في قطاع غزة واليمن وسوريا وليبيا، متسبِّبةً في حرمان الملايين من الحصول على إمدادات المياه. كذلك يمكن أن تكون المياه أداة للابتزاز السياسي الهادف لخلق وتشكيل نظام شرق أوسطي جديد. بالاضافة الى أن المياه تمثل حالياً معاناة يومية يعيشها النازحون.
مؤكداً في هذا الجانب على أن العلاقات الدولية لم تعد ترتكز على التطور التاريخي أو الجوار الجغرافي أو التشابه الديني، بل أصبحت المصالح المتبادلة والقضايا المشتركة هي الأساس، وبالتالي أصبحت المفاوضات على المياه المشتركة تتجاهل المبادئ الأساسية وتعتمد مبدأ الاستفادة الاقتصادية حتى ولو على حساب الدول الأخرى.
واختتم المهندس غنيم محاضرته بالتأكيد على أن الأمن المائي الفلسطيني يتطلب تكثيف دور الدبلوماسية المائية الفلسطينية على الصعيد الدولي و الاقليمي، فعلى المستوى الإقليمي يتم العمل على صياغة موقف عربي موحد للدفاع عن الحقوق المائية العربية تحت الاحتلال، أما المستوى الوطني: فيتطلب استقرار الحالة الأمنية و انفاذ القانون بما يخص مراقبة ومنع الحفر العشوائي للآبار مكافحة التعديات على خطوط المياه، منع التعديات على الوديان و الينابيع، اتخاذ الإجراءات اللازمة في حق كل من يلوث مصادر المياه والبيئة ، دم التساهل و الجهوزية للاستجابة لمكافحة التعديات غير الشرعية و بذل الجهود الحثيثة للمتابعة على مدار الساعة من خلال تعزيز تعاون الاجهزة الأمنية مع الضابطة القضائية وسلطة المياه، والعمل على نشر الوعي لدى المواطنين لقضايا المياه وأهمية الاستخدام الأمثل للمياه.