يحي العالم العربي اليوم العربي للمياه، والذي يصادف الثالث من شهر آذار/مارس من كل عام وفقا لقرار المجلس الوزاري العربي للمياه في جامعة الدول العربية، ويأتي هذا العام تحت شعار "حافظ على الماء من أجل الاستدامة"، وبهذه المناسبة، وانطلاقا من أهمية المياه للحياة والتنمية وبالتالي لمستقبل الدولة الفلسطينية، وجهت سلطة المياه نداءا إلى المجتمع الدولي للتأكيد على أهمية دعم الحقوق المائية للشعب الفلسطيني، والتي يواصل الاحتلال سلبها بسيطرته على أكثر من 85% من المصادر المائية الجوفية، وحرمانه الفلسطينين من حقهم في نهر الأردن والبحر الميت، الأمر الذي يهدد حاضر ومستقبل أبناء شعبنا.
وأصدرت سلطة المياه بهذه المناسبة بياناً ركّز في بدايته على الواقع المائي العربي، والتحديات الصعبة أمام تحقيق الأمن المائي العربي، وأهمها ندرة موارد المياه العذبة المتجددة، وما تواجهه العديد من الدول العربية من إجهاد وفقر مائي، جعل حصة الفرد فيها من المياه هي الأقل دولياً، إضافة إلى قضايا المياه المشتركة المتفاقمة في المنطقة، والتغير المناخي الذي أضاف تهديدات كبيرة على وفرة المياه وجودتها. وأوضح البيان الجهود التي تبذلها فلسطين بالتكامل مع الدول العربية الرامية لايجاد حلول لهذه التحديات ضمن الاستراتيجية العربية للأمن المائي.
ولفت البيان أن السياسات المائية الاسرائيلية تبقى التحدي والعائق الأكبر أمام تحقيق الأمن المائي الفلسطيني، حيث ترتب على هذه التحديات والسياسات وجود فجوة بين ما هو متاح من موارد مائية متناقصة، وما هو مطلوب لسد الاحتياجات الحياتية والتنموية المتزايدة لأبناء شعبنا، وهذه الفجوة تزداد اتساعا عاما بعد عام، الأمر الذي يتطلب دورا فاعلا عربيا ودوليا، ومحليا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المائية، وأكد البيان أن أزمة المياه التي يعيشها الشعب الفلسطيني لم ولن تنتهي إلا بزوال الاحتلال.
وأشار البيان أنّ اختيار شعار “حافظ على الماء من أجل الاستدامة” هذا العام يؤكد أهمية سياسات وممارسات ترشيد استهلاك المياه في المحافظة على الموارد المائية المتاحة وقيمتها كثروة لا تقدر بثمن، وضروة رفع الوعي لأهمية المياه ودورها في تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وارتباطها الوثيق بتحقيق الأمن الغذائي، اضافة الى الأمن الصحي الأمر الذي بدى جلياً خلال الجائحة، حيث كانت المياه الأساس في جميع الاجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس.
وانطلاقا من هذا الشعار ، توجهت سلطة المياه في بيانها للمجتمع المحلي للتأكيد على أهمية الشراكة الحقيقية بين مختلف شرائح المجتمع في الحفاظ على المياه، وتحسين السلوك الاجتماعي للتعامل مع قضايا المياه الحيوية، وعلى رأسها محاربة التعديات على مصادر وشبكات المياه، والمحافظة على البنية التحتية وتطويرها وحماية المرافق المائية، والإلتزام بتسديد فواتير المياه، باعتباره واجباً وطنياً، يؤدي إلى تمكين مزودي الخدمات من استمرار تقديم الخدمة والاستجابة لاحتياجات المواطنين، والقيام بالتدخلالت اللازمة في مواجهة أي طارئ.
وأكد البيان على أهمية التكامل مع المجتمع المحلي في تنفيذ المشاريع والبرامج الهادفة إلى تطوير البنى التحتية وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي للتجمعات الفلسطينية، والتي تبذل الحكومة جهودا حثيثة لتوفيرها وخصوصا في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، إلى جانب الدور الوطني الهام في الحفاظ على مرافق وأنظمة المياه والصرف الصحي ادراكاً لأهميتها وانعكاساتها على حياة المواطنين من جهة، ولحجم الاستثمارات والجهود الكبيرة التي يتطلبه تنفيذها وتشغيلها.
وفي هذا الإطار قال رئيس سلطة المياه م. مازن غنيم: "أنّ سلطة المياه وتقديراً لأهمية خدمات المياه والصرف الصحي، وانعكاساتها المباشرة على الحياة اليومية للمواطنين، وباعتبارها متطلبا أساسيا لمختلف القطاعات التنموية، وضعت الخطط اللازمة لتطوير هذا القطاع، وكثفت الجهود لتلبية الاحتياجات والأولويات المنبثقة عنها، وفقاً للامكانات والموارد المتاحة، والتي أثمرت عن انجازات نوعية في مجال ادراة المصادر المائية، وتطوير البنى التحتية، وايجاد مصادر بديلة، ورفع كفاءة مؤسسات القطاع، وذلك تحقيقاً للهدف الأساسي في تعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه في وجه التضييق الإسرائيلي الأصعب والمتمثل في حرماننا من أهم حقوقنا وهو المياه، واستخدامها كأداة فاعلة في اقتلاع المواطن الفلسطيني من أرضه لتنفيذ مخططاته الاستيطانية التوسعية غير الشرعية."
وأضاف م.غنيم: "إن وعي المجتمع الفلسطيني للواقع المائي الذي يفرضه علينا الاحتلال، يفرض استغلال كل قطرة مياه بشكل سليم، ويضعنا أمام مسؤولياتنا كشعب فلسطيني يحب وطنه ويحرص على مصلحته تجاه الإستخدام الأمثل للمياه باعتباره المصدر الرئيسي للحياه والتنمية والصمود على هذه الأرض، منوهاً أن هذا الحرص هو نموذج ومؤشر لوعي الشعب الفلسطيني، ومدى ادراكه لدوره ومسؤليته الإجتماعية تجاه المياه".
ولفت م.غنيم أنه العلاقة بين المياه والقطاعات الاقتصادية يجب أن تكون علاقة تبادلية لضمان استدامة الطرفان، داعيا مختلف القطاعات لايلاء أهمية قصوى لدعم قطاع المياه الفلسطيني ببناء نموذج فاعل للشراكة بين القطاع العام والخاص، ودعم المشاريع الصغيرة، والاستثمار في توظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في الترشيد واعادة الاستخدام، وخصوصا في القطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من نصف الموازنة المائية، ويعتبر أولوية باعتباره الأساس في تحقيق الأمن الغذائي.
وأشارت سلطة المياه في ختام بيانها، أنّ ندرة الموارد المائية والحاجة الماسة لتوفير حق الأجيال القادمة في المياه، يجب أن يكون الدافع الأول في حرص كل مواطن ومؤسسة على المياه. وأكد البيان أن سلطة المياه ستواصل برامجها الهادفة إلى تعزيز المسؤولية والمشاركة المجتمعية، ايمانا أنّ المجتمع المحلي هو الشريك الأول في رسم وتحديد واقع ومستقبل هذا القطاع الحيوي، والذي يعتبر أحد دعائم بناء دولة فلسطين كدولة كاملة السيادة.