أريحا: قام رئيس سلطة المياه م. مازن غنيم اليوم بإلقاء محاضرة استهدفت كبار الضباط في هيئة التدريب العسكري لقوى الأمن في الدورة الثامنة عشرة بدعوة من اللواء يوسف الحلو، ركزت الحديث حول الموقف الفلسطيني من الضم وصفقة القرن، ورفض القيادة الفلسطينية القطعي للصفقة لأنها تشكل انتهاكا واضحا لكافة قرارات الشرعية الدولية، وتلغي مبدأ السيادة الدائمة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال على مواردها الطبيعية، وتمس بالثوابت الوطنية الفلسطينية، كما ان الصفقة تهدف الى حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه التاريخية في أرضه ومقدراته، وإنهاء كافة ملفات الحل النهائي، وبالتالي قتل اي فرصة ممكنة لقيام دولة فلسطينية.
واستهل غنيم حديثه بان المياه تاريخيا تعتبر هدف استراتيجي للاحتلال الإسرائيلي وهي الأساس في المخططات الإسرائيلية لقيام وتوسع دولة الاحتلال، وانعكاسا جغرافيا لاستدامة الدولة، وهذا ما يؤكده مقولة أول رئيس وزراء لإسـرائيل "بنغوريون" "نحـن نخوض معركة المياه مع العرب، وعلى نتائج هذه المعركة يتوقف مصير الكيان اليهودي وقوته”.
وأضاف الوزير غنيم أنه منذ البداية قامت البعثة الاسرائيلية بوضع مخطط أولي لمشروع ناقل المياه القطري لجر مياه بحيرة طبريا إلى مناطق 48 ولتحقيق ذلك قامت بوضع الحدود المائية فكانت الحدود الاولى تهدف الى السيطرة على الجزء العلوي من منابع النهر وجزء من بحيرة طبريا، وتنفيذ ناقل المياه القطري جاء بناء على توصيات البعثة في العام 1965، أما الثانية فتهدف الى استغلال الفرص القائمة للاستيلاء على كافة منابع نهر الأردن وبحيرة طبريا، وفرض اسرائيل حقائق جديدة على الأرض من خلال الأوامر العسكريه التي حدت من قدرة الفلسطينيين على استخدام مصادرهم الجوفية أو تطويرها وحرمان الفلسطينيين من حق الوصول والانتفاع من مياه نهر الاردن.
أما الحدود المائية الثالثة هي جدار الفصل العنصري في العام 2002 من أجل استكمال السيطرة على المناطق المنتجة الغنية بالمياه من الحوض الجوفي الغربي اقتطع الجدار بغير وجه حق أكثر من 12% من اراضي الضفة الغربية بما فيها من أراضي زراعية خصبة وآبار جوفية، وسيطرت اسرائيل على حوالي 95% من المياه التي تتواجد في الحوض الغربي، لتتضمن المرحلة الرابعة مخططات الضم الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة الكاملة على المناطق المنتجة في الأحواض المائية وترسيم الحدود الشرقية من خلال السيطرة على نهر الأردن.السيطرة على الحوض الشرقي، وبالتالي تحقيق المرحلة الخامسة حدود اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.
واشار المهندس غنيم الى ان الملف المائي بعد التوقيع على الاتفاقية عام 1995، لم تتغير النوايا والأطماع الاسرائيلية في المياه، حيث ان هذه الاتفاقية حددت الحصة الفلسطينية بحوالي 118 مليون من الأحواض المائية الجوفية المشتركة، كان من المفترض أن تنتهي الاتفاقية خلال 5 سنوات، ولكنها ما زالت تتحكم بكميات المياه المتاحة للفلسطينيين،تم حسب الاتفاقية اقرار اتفاقية الحق الفلسطيني لتطوير المصادر المائية إلى 191-196مليون م3 سنويالم نحصل على الكميات المتفق عليها حسب الاتفاقية حتى اليوم.منذ اتفاقية أوسلو وحتى اليوم تستخدم اسرائيل ذريعة أن المياه هي من المواضيع المؤجلة إلى مفاوضات الوضع النهائي، وبهذه الذريعة تنفذ كافة مخططاتها للسيطرة على المصادر المائية
واوضح رئيس سلطة المياه انعكاسات السياسات الاسرائيلية على الوضع المائي الحالي حيث تسيطر على أكثر من 85% من المصادر المائية الجوفية. وقيامها بالسحب الجائر لمنابع الآبار والينابيع في الأحواض المائية،وحرمان الفلسطينين من حفر أو تأهيل آبار، لاجبار الجانب الفلسطيني لشراء المزيد من المياه، فإسرائيل تسيطر على كافة المصادر المائية السطحية الشرقية والغربية بما فيها نهر الاردن. منع تطوير مصادر المياه اضافية وغير تقليدية وخصوصا اقامة سدود او محطات المعالجة نقص متزايد في كميات المياه المتاحة نتيجة النمو السكاني وارتفاع متطلبات التنمية.
الى جانب ذلك فهناك انعكاسات للضم الاسرائيلي على الأمن المائي وتأثيره المباشر على الحياة والتنمية فضم الحوض الشرقي يعد التهديد الأكبر من ناحية المياه الجوفية نظرا الى ان الحوض يقع بالكامل في حدود الضفة الغربية واسرائيل ستصادر 44% من أراضي الحوض الشرقي تقع معظم أجزاء هذا الحوض ذات الإنتاجية العالية في منطقة الأغوار وسفوحها المهددة بالضم. الى جانب خسارة المناطق المؤهلة لانشاء سدود نتيجة وجودها ضمن المناطق المصادرة ، الى جانب سيطرة اسرائيل على ما يزيد عن 133 مليون م3 من الحوض الشرقي، والذي يمثل حوالي 77% من قدرة الحوض.
أما الخسارة في الينابيع تقدر ب10- 15 مليون م3 سنوي، وسيعرض الضم بعض الينابيع الرئيسية للمصادرة الاسرائيلية، خسارة المتنفس الوحيد للسياحة المائية ينابيع الفشخة (مجموعة ينابيع البحر الميت) مصادرة مجموعة ينابيع الفشخة يبلغ معدل تصريفها مابين 60-80م م3/السنة.
واكد م. غنيم الى ان الضم يعني حرماننا من حقنا في الحوض الغربي الي يبلغ معدل تغذية الحوض المتجددة ب 362 م3 سنويا نستغل منه أقل من 10% فقط، وجدار الفصل العنصري فصل عنا مناطق الضخ في الحوض، وحرمنا من اقامة مشاريع تطويرية وكذلك حرماننا من الاستفادة من المياه السطحية فالجريان السطحي في الأودية الواقعة في الضفة الغربية يقدر بحوالي 165 مليون م3 سنويا.منها 42 مليون م3 مياه سطحية تتدفق عبر الاودية الشرقية وصولاً الى نهر الاردن والبحر الميت، فالاحتلال الاسرائيلي يمنع الجانب الفلسطيني من استغلال هذه المياه من خلال انشاء السدود والبرك، وبالتالي ضياع الاستفادة من هذه الكميات.
وشدد الوزير غنيم على قضية نهر الاردن مشيرا الى أن إسرائيل أدركت أهمية نهر الأردن كمصدر مائي استراتيجي وكقيمة اقتصادية وسياسية فقد عمدت اسرائيل الى تجفيف نهر الأردن من حوالي 1300 مليون م3 سنويا إلى 100 مليون م3 وتحويل مياهه الى 48 من خلال الخط القطري الإسرائيلي الناقل وع خطة الضم تكوناسرائيل قد عملت على منع الفلسطينيين من حق الوصول الى نهر الاردن، وحق الاستفادة من مياهه للغايات الزراعية مصادرة الحق الفلسطيني كدولة مشاطئة ، قدرت حصة الفلسطينيين من نهر الأردن بحوالي 250-300 مليون م3/سنة. الى جانب السياحة الدينية فنهر الأردن يجذب ملايين السياح سنويا في منطقة المغطس، وايضا الغاء الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية
واستكمل الوزير ان البحر الميت يعتبر الكنز المنهوب إذ يبلغ الطول الاجمالي لشاطئ الغربي للبحر الميت حوالي 54 كم، منها 18 كم فقط داخل حدود عام 36 كم تقع داخل حدود 1967.وبالتالي سيؤدي الضم الى فقدان الفلسطينين حق المشاطئة واستيلاء إسرائيل على كامل الحوض الشمالي للبحر الميت مشيرا الى أن البحر الميت يعد قيمة اقتصادية حيث تقدر الفوائد الاقتصادية لاسرائيل من البحر الميت بمليارات الدولارات سنوياً، وحسب دراسات دولية السياحة في البحر الميت ونهر الأردن ممكن أن تدر على الجانب الفلسطيني 900 مليون دولار سنويا ، اما السياحة ممكن أن تخلق عشرات الآلاف من فرص العمل. وكذلك البحر الميت غني بالكثير من المعادن الثمينة، وفي مقدمتها مخزون ضخم من البوتاس والبرومين. الاستفادة فلسطينيا من البحر الميت سيحدث تنمية اقتصادية، وهذا يعني خسارة الجانب الفلسطيني ما لا يقل مليار دولار أميركي سنويا من المعادن المتاحة في البحر الميت.
كما بين ان عملية الضم تنعكس ايضا على قطاع المياه المعالجة من خلال عدم القدرة على انشاء مشاريع اعادة استخدام للمياه المعالجة بسبب الاستيلاء على مساحات زراعية شاسعة ، وعدم القدرة على انشاء خطوط ناقلة ومحطات الضخ .
واستعرض المهندس غنيم خلال لقائه أثر الضم على قطاع الزراعة والأمن الغذائي فيعتبر غور الأردن سلة فلسطين الغذائية، بسبب وفرة مياهه وخصوبة تربته ومناخهحسب وزارة الزراعة الفلسطينية فإن الأغوار تنتج 40% من منتجاتنا من الخضروات تشكل صادراتها 60% من إجمالي الصادرات الزراعية الفلسطينية 50% من مجمل الأراضي المروية في الضفة.
وبالتالي فإن عملية الضم ستهدد الزراعة بالأغوار من خلال انحسار الأراضي الزراعية، عدم توفر المياه ، ارتفاع تكلفة المياه في حال شرائها من الجانب الاسرائيلي تضييق الأسواق المحلية وتضييق فرص التصدير للمنتجات الفلسطينية الضم سيحرم آلاف المزارعين من قوت يومهم ولعل ابرزها زراعة التمور التي تعتبر قيمتها الإنتاجية عالية وتتأقلم مع نوعية المياه ذات الملوحة العالية. ويقدر حجم زراعة النخيل في منطقة الاغوار بحوالي 2.25 مليون شجرة (تعادل 160,000 دونم)منها حوالي 250 الف شجرة (حوالي 17,000 دونم) لمزارعين فلسطينيين (11% للجانب الفلسطيني) 89% هو للمستوطنين الاسرائيليين.
واختتم الوزير غنيم ان الضم له انعكاسات على جميع مناحي الحياة الاجتماعية والبيئة والاقتصادية حيث سيؤثر على عجلة التنمية وزيادة الأزمة الاقتصادية الفلسطينية، وفقدان شريحة عريضة من المجتمع الفلسطيني لمصدر دخلها وارتفاع معدل البطالة وعدم القدرة على خلق فرص عمل للاجيال المستقبلية، الى جانب هدف اسرائيل تحويلنا الى مجرد مستهلك للمياه يدر على الخزينة الاسرائيلية مئات الملايين من الدولارات من خلال بيعنا المياه المعالجة والمحلاة بيعنا المنتجات الزراعية والفواكة التي زرعت اصلا في ارض الفلسطيني ومياهه.