رام الله، أصدرت سلطة المياه الفلسطينية اليوم بياناً أكدت فيه أن تفاقم الأزمة المائية الذي تشهده عدد من المدن والقرى الفلسطينية، هو نتاج السياسات الاسرائيلية المائية التميزية، وفي مقدمتها سيطرة الاحتلال على أكثر من 85% من المصادر المائية في الضفة الغربية، الأمر الذي يعتبر السبب الرئيسي في العجز المائي الكبير في معظم محافظات الوطن في ظل ازدياد الاحتياجات المائية للتنمية في القطاعات الاقتصادية المختلفة. والذي يتفاقم سنويا وخصوصا في فصل الصيف كنتيجة طبيعية للطلب المتزايد على المياه.
وأضاف البيان أن هذه الانتهاكات المتمثلة في تخفيض الضغط وتقليص الكميات تأتي تنفيذا للنهج التصعيدي للحكومة الاسرائيلية الجديدة، حيث قامت شركة ميكروت الشهر الجاري بتقليص كمية التزود اليومي المتفق عليها إلى ما معدله 25% تقريبا من الكمية اليومية في محافظة الخليل وبيت لحم، وإذا أخذ بعين الاعتبار الوضع المائي الصعب في هذه المحافظات، فإن هذا التقليص من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على أهالي المنطقة ويصعب عملية ادارة التوزيع لمزودي الخدمة جراء تفاوت الكميات وعدم انتظام ضخها من الجانب الاسرائيلي.
وذكر البيان، أن ما تشهده محافظة رام الله والبيرة وتحديدا مناطق امتياز مصلحة مياه القدس هو جراء هذا الوضع الذي فرضته سياسات الاحتلال المائية التميزية، والذي أدى إلى بقاء كميات المياه المزودة للفلسطينين تراوح مكانها دون زيادة في الكميات توازي التمدد العمراني والتزايد السكاني وازدياد متطلبات القطاعات التنموية كالسياحة في المحافظة، الأمر الذي فرض العجز المائي القائم، ومما يفاقم المشكلة ما تقوم به اسرائيل من تخفيض كمبات المياه بما معدله 15% تقريبا من الكميات المتفق عليها لتزويد المحافظة، إضافة إلى التذبذب الحاصل في ضغط المياه في عدد من المناطق والذي أدى إلى مشاكل إدارية في توزيع المياه وبالتالي عدم وصولها للمناطق المرتفعة.
وأشار البيان أن تقليص الكميات طال محافظة نابلس وتحديدا مناطق صرة، تل، كفر قدوم، جيت، والتي تشهد نقص كبير في المياه نتيجة تقليص المياه المزودة من مصدر قدوميم، إضافة إلى الإيقاف المتكرر لضخ المياه من محطة ضخ مياه بئر بيت ايبا المزود الرئيسي للمحافظة والذي أدى إلى خفض كميات المياه إلى احدى عشر قرية فلسطينية تزود بالمياه من هذه المحطة. وحذر البيان أن هذا التقليص المتواصل في كميات المياه للمحافظات الفلسطينية وصل إلى منحنى خطير جدا يهدد جميع مناحي الحياة والتنمية في فلسطين.
وشدد البيان على أن استمرار الحكومة الاسرائيلية منذ بداية الشهر الجاري وحتى اليوم بتخفيض الكميات للفلسطينين رغم كل محاولات التواصل والضغط من قبل المجتمع الدولي، يؤكد أن الحكومة الاسرائيلية تتعمد استخدام المياه كأداة للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وتدحض حجج الاحتلال الواهية بوجود أعطال فنية. وخصوصا أن الحكومة الاسرائيلية تعي مدى خطورة هذا التقليص في هذا الوقت الذي تشهد فيه البلاد ارتفاعاً غير مسبوق بدرجات الحرارة، والذي يجعل للمياه قيمة أكبر كمتطلب انساني للتعامل مع موجات الحرارة لمختلف فئات المجتمع وخصوصا الأطفال والنساء والشيوخ.
وأكد البيان أن تواصل هذه الانتهاكات الاسرائيلية سيكون له انعكاسات لا تقف عند المخاطر المترتبة على العجز في توفير الاحتياجات الأساسية للشرب والاستخدامات المنزلية، وبالتالي زيادة المعاناة اليومية للفلسطينيين، بل يتعداها إلى انعكاسات كبيرة تهدد الاقتصاد الفلسطيني، من خلال تأثيرها المباشر على العديد من القطاعات وعلى رأسها الزراعة بانخفاض الإنتاجية الزراعية والثروة الحيوانية، وبالتالي تهديد الأمن الغذائي، وابتعاد ألوف من الفلسطينين عن الزراعة كمصدر أساسي ووحيد للدخل، واجبارهم لترك زراعة أرضهم والتوجه نحو سوق العمل الإسرائيلية، مرورا بضرب قطاعات الصناعة والسياحة وعزوف المستثمرين لعدم توفر المياه كمقوم أساسي، وصولا إلى تفاقم البطالة وضعف القدرة الشرائية للمواطن الفلسطيني. أمور مجتمعة تؤدي إلى ضعف القدرة الانتاجية الفلسطينية لخدمة سياسات الاحتلال الاسرائيلي بتحويل المواطن الفلسطيني مجبرا إلى مستهلك للمنتجات الاسرائيلية.
وختم البيان بمطالبة المجتمع الدولي بالدولي بالضغط على الحكومة الاسرائيلية بوقف تصعيدها وجرائمها المتزايدة ضد أبناء شعبنا، وأن يكون للمجتمع الدولي دورا فاعلا في انصياع اسرائيل للقوانين والمعاهدات المائية الدولية، حتى يحصل الفلسطينييون على حقوقهم المائية تداركا للمخاطر الإنسانية والاقتصادية والسياسية التي يحملها الملف المائي