القاهرة: أنطلقت اليوم أعمال المؤتمر العربي الرابع للمياه تحت شعار "الأمن المائي العربي من أجل الحياة والتنمية والسلام" والذي عقد في مقر جامعة الدول العربية بمشاركة وزراء وممثلين عن الدول العربية المشاركة ومشاركين من المنظمات الدولية وخبراء في قطاع المياه.
وفي كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس تحدث د. زياد عمرو عن أهمية تكاثف وتعاون الدول لمواجهة التحديات المحيطة بها فيما يتعلق بالقضايا المائية، مشيرا الى أن الامن المائي العربي يشكل تحديًا كبيرا يتطلب تضافر جميع الجهود للعمل على ايجاد حلول تساهم في الاستجابة للتحديات الحالية والمستقبلية في ظل تزايد الطلب على المياه.
كما توجه السيد عمرو بالتهنئة الى جمهورية مصر على نجاحها في تنظيم ورعاية المؤتمر المتعدد الاطراف 37 للتغير المناخي الذي عقد مؤخرا وحظي بنجاح كبير في تسليط الضوء ، ودق ناقوس الخطر لضرورة مواجهة التغيرات المناخية.
وزير المياه م. مازن غنيم بدوره أكد على أهمية انعقاد المؤتمر الذي نجحت فلسطين في اقامته على الرغم من جميع التحديات التي واجهتها في ظل الاحتلال الاسرائيلي
وأكد م. غنيم على ان المؤتمر يعقد في ظل ظروف استثنائية وتحديات جوهرية كبيرة، يواجهها العالم منها ما فرضته الطبيعة كشُح الموارد ونقص الماء والغذاء والطاقة، ومنها ما هو بفعل وجبروت الإنسان المباشر كاستنزاف الموارد وتلوث الطبيعة، والحروب والصراعات ، من هنا حرصت فلسطين التأكيد على أهمية تحقيق الأمن المائي العربي للأجيال القادمة حتى تكون قادرة على العيش في حياة كريمة بأمان وسلام واستقرار، خاصةً مع تزايد الصراعات والنزاعات حول المياه، في ظل محدودية الموارد المائية، والتضخم و النمو السكاني وازدياد متطلبات التنمية،
واستطرد الوزير غنيم حديثه على ان الوطن العربي هو من أكثر المناطق تأثراً بكل هذه الظروف والتحديات، ولكن يبقى التحدي الأكبر الاطماع الاسرائيلية في مقدرات الشعوب العربية والمياه العربية تحت الاحتلال وهو ما يعيق تحقيق الأمن المائي العربي الذي يعتبر الركيزة الأساسية للامن القومي العربي حيث يواصل الاحتلال نهب مصادر المياه الجوفية والسطحية في الجولان السوري المحتل وجنوب لبنان وتتزايد أطماعه في المياه العربية بشكل عام، وسيطرته على أكثر من 85% من مصادر المياه الفلسطينية، الأمر الذي جعل فلسطين تواجه سياقاً مائياً صعبا كون ملف المياه أحد الملفات الخمسة في المفاوضات النهائية وكذلك إصرار الاحتلال على استخدام المياه كأداة لتقويض فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة من خلال مخططاته التوسعية والاستيطانية غير الشرعية على حساب مصادرنا المائية وعرقلته لجميع الجهود الرامية الى تطوير القطاع المائي بمكوناته كافة، الأمر الذي يفاقم من معاناة المواطن الفلسطيني ويقيد من قدرته على الحصول على خدمات مياه وصرف صحي بالشكل المناسب وهو ما يعتبر خرقاً فاضحاً للقانون والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات العلاقة
وأوضح المهندس غنيم اننا نتطلع من خلال هذا المؤتمر ليكون منصة دولية تجمع جميع الشركاء من أصحاب القرار والخبراء لوضع حلول استراتيجية لقضايا المياه العربية خدمةً لشعوب المنطقة من خلال إتباع نهج شمولي باعتبار الأمن المائي يمُس القطاعات الحيوية والتنموية كافة آخذين بعين الاعتبار رفع كفاءة إدارة الموارد المائية المتوفرة، والدفاع عن الحقوق المائية العربية، وكذلك تطوير مصادر مياه بديلة واعتبار ذلك فرضاً وليس خياراً،
مضيفا ان العمل العربي المشترك اضحى ركيزة لمواجهة هذه التحديات خصوصا مع تفاقم قضايا المياه العابرة للحدود والموارد المشتركة.
كما تحدث ممثلا عن السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، السيد أحمد رشيد مفتتحا حديثه بالتأكيد على أن الوضع المائي مقلق في العالم الذي لا تشكل فيه المياه العذبة سوى 3 في المائة ل 8 مليار نسمة، وعلى صعيد وطننا العربي الذي يضم عشر مساحة اليابسة، المصنف ضمن المناطق الفقيرة في مصادر المياه العذبة، فيحتوي على أقل من 1% من الجريان السطحي للمياه، وحوالي 2% من إجمالي الامطار في العالم.
مضيفا خلال كلمته ان هذا الوضع الحرج مرشح للتفاقم جراء التزايد الديموغرافي ومتطلبات التنمية الزراعية والاقتصادية والصناعية.
وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض فقد ركز كلمته على التحديات و الازمات المتلاحقة التي شهدتها الدول في السنوات الاخيرة مثل انتشار الكورونا ارتفاع اسعار الطاقة وظاهرة تسرب المياه العادمة وغيرها من القضايا التي باتت تهدد الشعوب وتنذر بكارثة للاجيال القادمة ، مضيفا ان فلسطين نجحت من خلال اعدادها لجلسات المؤتمر المتنوعة والشاملة من عكس هذه التحديات للخروج بتوصيات تشمل القضايا المشتركة وتكون قابلة للتطبيق.
وأضاف فياض ان التاثير الاكبر في الامن العربي يتمثل بالاطماع الخارجية التي تهدده وهذا يؤكد ضرورة ان يكون هناك تعاونا ما بين الدول للوقوف في وجه الاطماع الخارجية من خلال التخطيط والادارة المستدامة وتحقيق الاصلاح.
وتحدثت السيدة تهاني سليط نيابة عن وزير الري المصري هاني سويلم عن قضية المياه في مصر والتي تُعد من أهم ركائز الأمن القومى المصرى ومحور رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة لا سيما ان مصر من أكثر دول العالم جفافاً ، حيث تُقدر كمية الأمطار التي تتساقط على مصر بحوالي 1.3 مليار م3 سنوياً ، وتعتمد مصر بنسبة 97 % على مياه النيل التي تأتي من خارج الحدود ، وعلى مر السنوات إنخفض نصيب الفرد من المياه فى مصر ليصل إلى نحو 560 م3 سنوياً مقارنة بخط الفقر العالمى الذى يحدد نصيب الفرد بـ 1000م3 سنوياً ، ومن المتوقع مع إستمرار الزيادة السكانية وثبات الموارد المائية أن يستمر التراجع في حصة الفرد من المياه سنوياً ، الأمر الذى يمثل المزيد من الضغط على الأمن المائى والغذائى في مصر
مضيفة ان هناك تحديات أخرى تُزيد من الضغوط التي يتعرض لها قطاع المياه في مصر مثل التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية المتمثلة في إرتفاع منسوب سطح البحر والذى سيؤدى لزيادة درجة الملوحة بالمياه الجوفية بشمال الدلتا ، وإرتفاع درجات الحرارة الذى سيؤدى لزيادة الاحتياجات المائية بكافة القطاعات وبالتالي إتساع الفجوة بين الموارد المائية والإحتياجات ، و تزايد حدة موجات الأمطار الغزيرة والسيول الومضية ، والتأثير الغير متوقع للتغيرات المناخية على منابع النيل ، حيث أن وضع مصر الجغرافي كدولة مصب فى حوض نهر النيل يجعلها الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، نتيجة عدم التيقن من معدلات الأمطار في اعالي نهر النيل ، وليس فقط مياه نهر النيل المعرضة للخطر فمن المتوقع إنخفاض معدل الأمطار في دول شمال أفريقيا والوطن العربي بنسبة 20./.
من الجدير ذكره ان سلطة المياه حرصت خلال تنظيمها للمؤتمر العربي الرابع للمياه ان يكون أداة فاعلة تصب في تحقيق هذه الأهداف، والخروج بتوصيات مناسبة قادرة على خدمة قضايا المياه العربية وذات نتائج ملموسة تنعكس بشكل ايجابي على حياة المواطن العربي من خلال التركيز على الترابط بين قطاعات المياه والزراعة والطاقة لما لذلك من انعكاسات ايجابية على الأمن الغذائي والأمن الاقتصادي وبالتالي الأمن القومي العربي.